كتب المهندس شربل معوض
غالباً ما نبني أمنياتنا على الحظ، نترقـّبه في أعمدة الصحف والمجلات عند زاويّة “اعرف حظـّك” من الأبراج… نراه في منازل عديدة، كذلك على رفوف بعض المحال والمتاجر، او حتى في مواقع الانترنت، على شكل طلاسم ومقتنيات Lucky Charms) أو Porte Bonheur)، ونبني بموجبه قصوراً من احلام مع كل ورقة يانصيب نختارها…
فهل من سبيل لنكسب الحظ حليفاً على مدى حياتنا؟!
يعتقد البعض أن حظّـّه جيد، فيما البعض الآخر يظنّ العكس، وكثيراً ما تتقلـّب الآراء بحكم الظروف؛ ولكن كيف تـُوزَّع “حصص الحظ” على بني البشر، وعلى أي أساس؟ هل الحظ واقع ام حاجة نفسية اشبه بالوهم؟ وهل هو قوّة غريبة ترتبط مثلاً بمواقع الكواكب والنجوم، فتتلاعب بأحداث حياتنا وتتحكـّم بها بمزاجية؟ وما هو بالتالي دور الطموح والمجهود الفردي والمثابرة؟!…
لفتني رأي العالم الكيميائي الفرنسي لويس باستور في كتاب “The Life of Pasteur” للكاتب René Vallery-Radot من خلال طرحه السؤال التالي: “هل لاحظتم يوماً من هم الذين يتعرضون للحوادث الأليمة؟” ثم أستطرد “إن الحظ يفضّل أصحاب العقول المستعّدة” (Chance favors the prepared mind) ما يعني أن ما نسمـّيه الحظ الجيد برأي العالم لويس باستور، يرتبط بالجهوزيّة الفكرية. فكيف نفهم ذلك؟
الى جانب ما تقدّم لفتتني اقوال اخرى عن الحظ، أهمها ما يعود للكاتب اللبناني الكبير ميخائيل نعيمة “الصدفة والحظ لكسالى العقول”؛ فيما علوم الايزوتيريك (او علم الوعي الانساني) توضح أن الصدفة والحظ يعبّران عن الاعتباطية في نظام الحياة، في حين أن النظام هذا يعبّر عن منتهى الدقـّة؛ “فالمصادفة لا وجود لها في قانون الحياة… ولا الحظ… ولا حتى الموهبة… فكل ما نلقاه من لذة وسعادة… ومن بؤس وشقاء… هو نتيجة سبب ومسبِّب، يستقر في أغوار كل منا! فكل شيء قائم على نظام أدق من أن تتسرب الشعرة اليه…” هذا ما جاء في كتاب الايزوتيريك الخامس والعشرون بعنوان “مذكرات انسان” بقلم ج.ب.م.
في مسألة جهوزيّة الفكر، تشرح علوم الايزوتيريك، “أن المعرفة لا تطرق باب المدارك إن لم يسعَ المرء بنفسه اليها، والفكر هو وسيلة السعي”، كما توضح هذه العلوم أن النضج الفكري المضمـّخ بمشاعر الرقـّة هو العمود الفقري لتوازن النفس التي لا تعود تستسلم للحظ، او تقع في متاهاته… كما يوضح الايزوتيريك ايضاً أن مثل هذا التوازن النفسي القائم على القوّة الفكرية هو تقنية حياتية يمكن لأي فرد أن يحقـّقها في حياته… وهذه تـُعرف بالتماهي او التماثل (simulation)، أي تخيُّل موقف صعب أو مشكلة عويصة ومحاولة حلّها فكرياً. فالتدريب على التماهي يساعد المرء على تخطي التجارب والمواقف الحياتيّة نظرياً، قبل خوضها عملياً على أرض الواقع. وكلما توسَّع المرء من خلال عملية التماهي في تحليل كافة الاحتمالات التي قد تحدث، ثم تعمَّق في التمييز بين المواقف المشابهة، كان وقع الاحداث خفيفاً نسبياً عليه، فتهون عملية إحتواء التجربة والتفاعل معها بدل الانفعال حيالها. تماماً كحال التلميذ المجتهد الذي يعالج المسائل الأكثر صعوبة خلال فترة الدراسة، وعندما يحين الامتحان يجده يسيراً… فلا يكون بذلك الأوفر حظاً، بل الأكثر مثابرة وجهداً بين زملائه.
من التقنيات المهمة الاخرى، العمل على ازالة السلبيات من النفس وادخال الايجابيات مكانها. لعلّ أهم هذه السلبيات يمكن اختصارها في ثلاثيّة “خوف – خجل – تردد”، بحيث أن ازالتها تعني تقويّة عنصر المواجهة في النفس كشرط اساسي لنقل النجاح في التجارب من حالة فكريّة نظرية الى حيّز الواقع تطبيقاً عمليّاً. اضف الى أن الفكر المنظـَّم والمنفتح كفيل بتحسين حياة المرء من خلال تحقيق الراحة والاستقرار للإرتقاء في العمل وحلّ المشاكل وتنظيم المتوجبات اليوميّة إلخ… فجميعنا نتمنى ونحلم بالراحة والاستقرار والنجاح، ولكن عندما نضع هيكلية فكرية لأحلامنا يستحيل الحلم طموحاً، وعندما نضع مدة زمنيّة محددة لتحقيق ما نطمح اليه يصبح الطموح خطة عمل ننقلها الى حيّز التطبيق العملي، فتتحوّل احلامنا الى اهداف واقعية ممكنة… على هذا المستوى لا يعود مهماً أن ننجح او نفشل بل ما نحصده من وعي وخبرة ونضج ونحن نتحمـّل مسؤولياتنا الحياتية المختلفة… وفي خضم ذلك تبقى المثابرة كفيلة بتحسين “حظنا”، الى أن نستدرك أن “الحظ” كما لا يفهمه السواد الأعظم من البشر، هو حليف من يرتفع فوق العقبات ويجتهد ويكافح في الحياة، بهدف تحسين نفسه والارتقاء بوعيه الفردي.
إن فكرة الحظ تتنافى والمنطق السامي للأمور، فمعاذ أن يعرف نظام الحياة العشوائية، وحاشى للعدل الالهي أن يكون ظالماً. ففي النظام هناك نتيجة ينطوي وراءها سبب، او “سبب ومسبـّب” كما تشرح علوم الايزوتيريك في ضوء مفهوم قانون الفعل وردة الفعل الذي يجيب عن كل تساؤل ويجلي كل غموض في هذا السياق. هذا القانون هو بإيجاز قانون السبب والنتيجة، قانون الثواب والعقاب ما يعني أن أعمال الإنسان هي السبب في ما يصيبه من خير أو شر، من سعادة أو شقاء، من صحة أو مرض، وحتى من حظ أو لاحظ!
لا يبدو أن للحظ وجوداً في قاموس الحياة وقانونها. فحتى علوم الرياضيّات وبالتحديد فرعَيْ الإحتمال والإحصاء (Probability & Statistics)، تبرهن لنا بالمعادلات العلميّة الحسابيّة، أن نتيجة أحجار النرْد لا تعرف الحظ! فعلوم الرياضيات تشرح بأننا حين نرمي حجريْ نرْد أو أكثر، لعدّة مرّات، تتبع نتيجة الأرقام التي نحصل عليها في كلّ رميّة معادلةً او نمطاً معيناً يُعرف بمنحنى غوشن (Gaussian Curve)… بالتالي حتى نتيجة أحجار النرد ليست عشوائيّة كما يسود الاعتقاد…
كلّ شيء في الطبيعة يسير بحسب نظام لا يعرف الفوضى، بدءاً بحركة الشمس والكواكب، وصولاً الى الفصول الأربعة، ومروراً بنبض الحياة في الكيان الانساني؛ فلا بد اذاً لأحداث حياتنا أن تتتالى بموجب نظام التطور في الوجود ولهدفٍ معيّن يخص كل فرد، كما يخص البشرية ككل… والمفتاح الى ذلك هو الصدق مع النفس في مواجهة الحقائق في تفاصيل حياتنا اليومية… ففهم هذه المعادلة كفيل بتحويل الحياة الى رحلة ممتعة من البحث والإكتشاف، وإن تخلـّلها التحدي الذي لا بدّ منه لشحذ الطموح، وترسيخه في النفس…
فهل من سبيل لنكسب الحظ حليفاً على مدى حياتنا؟!
يعتقد البعض أن حظّـّه جيد، فيما البعض الآخر يظنّ العكس، وكثيراً ما تتقلـّب الآراء بحكم الظروف؛ ولكن كيف تـُوزَّع “حصص الحظ” على بني البشر، وعلى أي أساس؟ هل الحظ واقع ام حاجة نفسية اشبه بالوهم؟ وهل هو قوّة غريبة ترتبط مثلاً بمواقع الكواكب والنجوم، فتتلاعب بأحداث حياتنا وتتحكـّم بها بمزاجية؟ وما هو بالتالي دور الطموح والمجهود الفردي والمثابرة؟!…
لفتني رأي العالم الكيميائي الفرنسي لويس باستور في كتاب “The Life of Pasteur” للكاتب René Vallery-Radot من خلال طرحه السؤال التالي: “هل لاحظتم يوماً من هم الذين يتعرضون للحوادث الأليمة؟” ثم أستطرد “إن الحظ يفضّل أصحاب العقول المستعّدة” (Chance favors the prepared mind) ما يعني أن ما نسمـّيه الحظ الجيد برأي العالم لويس باستور، يرتبط بالجهوزيّة الفكرية. فكيف نفهم ذلك؟
الى جانب ما تقدّم لفتتني اقوال اخرى عن الحظ، أهمها ما يعود للكاتب اللبناني الكبير ميخائيل نعيمة “الصدفة والحظ لكسالى العقول”؛ فيما علوم الايزوتيريك (او علم الوعي الانساني) توضح أن الصدفة والحظ يعبّران عن الاعتباطية في نظام الحياة، في حين أن النظام هذا يعبّر عن منتهى الدقـّة؛ “فالمصادفة لا وجود لها في قانون الحياة… ولا الحظ… ولا حتى الموهبة… فكل ما نلقاه من لذة وسعادة… ومن بؤس وشقاء… هو نتيجة سبب ومسبِّب، يستقر في أغوار كل منا! فكل شيء قائم على نظام أدق من أن تتسرب الشعرة اليه…” هذا ما جاء في كتاب الايزوتيريك الخامس والعشرون بعنوان “مذكرات انسان” بقلم ج.ب.م.
في مسألة جهوزيّة الفكر، تشرح علوم الايزوتيريك، “أن المعرفة لا تطرق باب المدارك إن لم يسعَ المرء بنفسه اليها، والفكر هو وسيلة السعي”، كما توضح هذه العلوم أن النضج الفكري المضمـّخ بمشاعر الرقـّة هو العمود الفقري لتوازن النفس التي لا تعود تستسلم للحظ، او تقع في متاهاته… كما يوضح الايزوتيريك ايضاً أن مثل هذا التوازن النفسي القائم على القوّة الفكرية هو تقنية حياتية يمكن لأي فرد أن يحقـّقها في حياته… وهذه تـُعرف بالتماهي او التماثل (simulation)، أي تخيُّل موقف صعب أو مشكلة عويصة ومحاولة حلّها فكرياً. فالتدريب على التماهي يساعد المرء على تخطي التجارب والمواقف الحياتيّة نظرياً، قبل خوضها عملياً على أرض الواقع. وكلما توسَّع المرء من خلال عملية التماهي في تحليل كافة الاحتمالات التي قد تحدث، ثم تعمَّق في التمييز بين المواقف المشابهة، كان وقع الاحداث خفيفاً نسبياً عليه، فتهون عملية إحتواء التجربة والتفاعل معها بدل الانفعال حيالها. تماماً كحال التلميذ المجتهد الذي يعالج المسائل الأكثر صعوبة خلال فترة الدراسة، وعندما يحين الامتحان يجده يسيراً… فلا يكون بذلك الأوفر حظاً، بل الأكثر مثابرة وجهداً بين زملائه.
من التقنيات المهمة الاخرى، العمل على ازالة السلبيات من النفس وادخال الايجابيات مكانها. لعلّ أهم هذه السلبيات يمكن اختصارها في ثلاثيّة “خوف – خجل – تردد”، بحيث أن ازالتها تعني تقويّة عنصر المواجهة في النفس كشرط اساسي لنقل النجاح في التجارب من حالة فكريّة نظرية الى حيّز الواقع تطبيقاً عمليّاً. اضف الى أن الفكر المنظـَّم والمنفتح كفيل بتحسين حياة المرء من خلال تحقيق الراحة والاستقرار للإرتقاء في العمل وحلّ المشاكل وتنظيم المتوجبات اليوميّة إلخ… فجميعنا نتمنى ونحلم بالراحة والاستقرار والنجاح، ولكن عندما نضع هيكلية فكرية لأحلامنا يستحيل الحلم طموحاً، وعندما نضع مدة زمنيّة محددة لتحقيق ما نطمح اليه يصبح الطموح خطة عمل ننقلها الى حيّز التطبيق العملي، فتتحوّل احلامنا الى اهداف واقعية ممكنة… على هذا المستوى لا يعود مهماً أن ننجح او نفشل بل ما نحصده من وعي وخبرة ونضج ونحن نتحمـّل مسؤولياتنا الحياتية المختلفة… وفي خضم ذلك تبقى المثابرة كفيلة بتحسين “حظنا”، الى أن نستدرك أن “الحظ” كما لا يفهمه السواد الأعظم من البشر، هو حليف من يرتفع فوق العقبات ويجتهد ويكافح في الحياة، بهدف تحسين نفسه والارتقاء بوعيه الفردي.
إن فكرة الحظ تتنافى والمنطق السامي للأمور، فمعاذ أن يعرف نظام الحياة العشوائية، وحاشى للعدل الالهي أن يكون ظالماً. ففي النظام هناك نتيجة ينطوي وراءها سبب، او “سبب ومسبـّب” كما تشرح علوم الايزوتيريك في ضوء مفهوم قانون الفعل وردة الفعل الذي يجيب عن كل تساؤل ويجلي كل غموض في هذا السياق. هذا القانون هو بإيجاز قانون السبب والنتيجة، قانون الثواب والعقاب ما يعني أن أعمال الإنسان هي السبب في ما يصيبه من خير أو شر، من سعادة أو شقاء، من صحة أو مرض، وحتى من حظ أو لاحظ!
لا يبدو أن للحظ وجوداً في قاموس الحياة وقانونها. فحتى علوم الرياضيّات وبالتحديد فرعَيْ الإحتمال والإحصاء (Probability & Statistics)، تبرهن لنا بالمعادلات العلميّة الحسابيّة، أن نتيجة أحجار النرْد لا تعرف الحظ! فعلوم الرياضيات تشرح بأننا حين نرمي حجريْ نرْد أو أكثر، لعدّة مرّات، تتبع نتيجة الأرقام التي نحصل عليها في كلّ رميّة معادلةً او نمطاً معيناً يُعرف بمنحنى غوشن (Gaussian Curve)… بالتالي حتى نتيجة أحجار النرد ليست عشوائيّة كما يسود الاعتقاد…
كلّ شيء في الطبيعة يسير بحسب نظام لا يعرف الفوضى، بدءاً بحركة الشمس والكواكب، وصولاً الى الفصول الأربعة، ومروراً بنبض الحياة في الكيان الانساني؛ فلا بد اذاً لأحداث حياتنا أن تتتالى بموجب نظام التطور في الوجود ولهدفٍ معيّن يخص كل فرد، كما يخص البشرية ككل… والمفتاح الى ذلك هو الصدق مع النفس في مواجهة الحقائق في تفاصيل حياتنا اليومية… ففهم هذه المعادلة كفيل بتحويل الحياة الى رحلة ممتعة من البحث والإكتشاف، وإن تخلـّلها التحدي الذي لا بدّ منه لشحذ الطموح، وترسيخه في النفس…
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق